2- اشتغل بالنافع المفيد، ودع ما لا فائدة فيه:
يقول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)}.
فالمسؤول عنه في هذه الآيات هو الأهلة، لكن لم يذكر الله تعالى عن أي شيء سألوا، فربما سألوا عن سبب كونها تبدو أول الشهر هكذا، ثم تكبر، أو سألوا عن فائدة كونها كذلك، أو سألوا عن الهلال ذاته كيف هو، فجاء الجواب ببيان الفائدة من الأهلة، وهو أنها دلائل يستدل بها الناس على الأوقات.
فإذا قرأت سورة الكهف مثلاً، فلا تشغل نفسك بتفاصيل القصة التي لم يذكرها القرآن مما لا فائدة منها، كلون كلبهم، ومكان وجودهم، وعددهم، ونحو ذلك، ولكن تأمل ما في القصة من الحكم والمواعظ، من قدرة الله وعجيب تصريفه للأمور، و حفظه لعباده المؤمنين، ورفعه لدرجاتهم، وأنه يحيى الموتى، وغير ذلك من فوائد القصة، وقد علمنا الله هذا الأدب في نفس السورة حين قال: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً (22)} [سورة الكهف 18/22]، أي: لا تجادل أحدًا في عددهم إلا أن يكون كلامك مبنيًا على العلم واليقين، أما المماراة المبنية على الجهل والرجم بالغيب، أو التي لا فائدة فيها فلا تشغل وقتك بها، ولا تسأل أحدًا منهم عن عددهم؛ لأنهم يتكلمون بغير علم ويقين.
وهكذا في غير ذلك من الآيات...
3- تحريك القلب وشغله بالتفكر في معنى ما يلفظ به اللسان، فيتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد في قلبه قبولها، والعمل بها، ويستغفر الله عن التقصير في امتثالها، وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، كقوله: {والسابقون السابقون، أولئك المقربون} فيقول: اللهم اجعلني من السابقين، وإذا مر بآية عذاب أشفق وتعوذ، كقوله: {يوم تقلب وجوههم في النار} فيقول: أعوذ بالله من عذاب النار، اللهم نجنا من عذاب النار، وإذا مر بآية فيها دعاء تضرَّعَ وطَلَبَ، كقوله تعالى: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين}، فيسأل الله تعالى ذلك، وهكذا كان النبي صلى الله يفعل، كما أخرج مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، ثم النساء، فقرأها، ثم آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ.
وروى أبو داود والترمذي بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فَلْيَقُلْ: بَلَى وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ، وَمَنْ قَرَأَ {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فَانْتَهَى إِلَى {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى؟} فَلْيَقُلْ بَلَى، وَمَنْ قَرَأَ {وَالْمُرْسَلَاتِ..} فَبَلَغَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} فَلْيَقُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ)).
4- معرفة المقاصد الأساسية، والأمور المهمة التي ركز عليها القرآن، وأكثر من بيانها.
ففي القرآن مواضيع فصل فيها، وأوضحها، وأعادها، فينبغي الاهتمام بهذه الأمور والعناية بها، وفهمها حق الفهم، والمتأمل في القرآن يجده مثلاً قد أكثر من تقرير التوحيد، ونفي الشرك، وأخبر أن جميع الرسل دعوا الناس إلى عبادة الله وحده ولا شريك، وأن الدعاء إنما يتوجه به إلى الله، وسائر الأعمال الصالحة، فيدل هذا على أهمية هذا الموضوع، وعظيم خطره، ووجوب فهمه حق الفهم.
ونجد أن الله بين في كتابه أن هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار، وأن سعة الرزق فيها لا يدل على صلاح ومحبة من وسع له، وأنها قد زينت بأنواع الزينات، لكي يظهر الصادق في الإيمان بالله من الكاذب، ومن يشتري ما عند الله بهذه الدار الفانية.
وكذلك نجد أن الله بين في كتابه كثيرًا من أحكام الأسرة، فيما يتعلق بالعشرة، وحقوق الزوجين على بعض، وأحكام الطلاق، وما يجب للمطلقة من الحقوق، وما يجب عليها، فيدلنا ذلك على أهمية بناء المجتمع من هذه الناحية، وأن معرفة أحكام الله في ذلك سبب قوي لبناء مجتمع صالح.
ومما يعينك على هذا أن تجمع الآيات التي تحدثت عن موضوع واحد، وتنظر في دلالتها، وتقارنها بالأحكام الأخرى.
5- معرفة العلاقة بين أسماء الله الحسنى، والآيات التي وردت فيها.
كثيرًا ما يختم الله بعض الآيات باسم من أسمائه، وعند التأمل تجد علاقة واضحة بين المعنى الوارد في الآية، ومعنى الاسم الذي وردت فيه، فآية الرحمة مختومة بأسماء الرحمة، وآيات العقوبة والعذاب مختومة بأسماء العزة والقدرة والحكمة والعلم والقهر، ويحكى أن أعرابيًا كان يستمع لقارئ، فقرأ قوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)} [سورة المائدة 5/38]، فأخطأ القارئ فقال: والله غفور رحيم، فاستنكر الأعرابي ذلك، ولم يقتنع بأن الله أنزل هذا، فاستدرك القارئ فوجد أنه قد أخطأ، فأعادها على الصواب، فقال الأعرابي: الآن نعم، عز فحكم فقطع.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)} [سورة البقرة 2/32]، فلما اعترف الملائكة بعجزهم، وقصور علمهم أمام علمه وحكمته ختم الآية بما يناسب ذلك.
وقوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}، وقوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}.
وقوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17)} [سورة النساء 4/17]، فختم جل وعلا هذه الآية بهذين الاسمين ليبين أنه يعلم الصادق في توبته، والذي يكون في قلبه خوف ورغبة ورهبة، ولكن الشيطان أغواه، والنفس الأمارة بالسوء زينة له، فوقع فيما يغضب الله، ممن كان كاذبًا، فليس في قلبه شيء من ذلك، وأنه حكيم في توفيقه للتوبة من يستحقها، ويبادر إليها إذا تهيأت له أسبابها، وحرمانه من لا يستحقها؛ لأنه وإن سنحت له فرصة التوبة لم يبادر لها، كما قال تعالى: {ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}
6- التفكر في لوازم المعنى الذي فهمته.
إذا فهمت معنى الآية فهمًا صحيحًا فتفكر في الأمور التي يتوقف عليها هذا المعنى، ولا يحصل بدونها، وما يشترط لها، وكذلك تفكر فيما يترتب على هذا المعنى، وما يمكن أن يتفرع منه، وينبني عليه.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق...} فإيجاب الوضوء يستلزم طلب الماء، والسعي في حصوله، من شراء وغيره، وهذه أفعال معتادة للإنسان قد يفعلها وهو لا يشعر بثوابها، ولكن إذا تأمل أنها وسيلة للوضوء ونوى الثواب فيها من الله فإن الله يثيبه، فيثيبه على الشراء، وعلى سعيه في الحصول على الماء.
وقوله تعالى: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} فهذه الآية تأمرنا أن نحكم بين الناس بالعدل، ويدخل في هذا صغير الأمور وكبيرها، فكل شيء أردنا أن نحكم فيه بين اثنين أن نعدل، والعدل مبني على العلم، فلا يمكن أن تحكم بالعدل وأنت جاهل، فالآية تأمر إذًا بالعلم في كل أمر أردت أن تحكم فيه، فإن كان الحاكم عامًا فلا بد أن يكون عنده من العلم ما يؤهله للحكم، وإن كان الحاكم خاصًا في بعض الأمور كالشقاق بين الزوجين مثلاً، فينبغي أن يكون عارفًا بما يصلح أن يحكم فيه بينهما، ويكون عنده من المعرفة بمشاكل الأزواج، ونفسياتهم، وطرق حل المشاكل الزوجية ما يعينه على ذلك.
وقوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)} [سورة النمل 27/34]، فالله صدق بلقيس وهي كافرة لما قالت كلمة حق وصدق، حيث قالت: {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة} قال الله تعالى مصدقًا لها في قولها: {وكذلك يفعلون}، فنفهم من هذا أن من جاء بالحق قبلنا منه ذلك، ولو كان فاجرًا، أو كافرًا.
قال الشاعر:
لا تحقرن الرأي وهو موافق *** حكم الصواب إذا أتى من ناقص
فالدُّرُّ، وهو أعز شيء يُقتنى *** ما حَطَّ قيمتَه هوانُ الغائــص(18)
ومن الأمثلة: ما رواه أبو معشر نجيح قال: سمعت سعيد المقبُري يذاكر محمد بن كعب القُرَظي، فقال سعيد: "إن في بعض كتب الله: إن لله عبادًا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبِر، لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين، قال الله: على تجترؤون، وبي تغترون؟! وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيها حيران"، فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله، فقال سعيد: وأين هو في كتاب الله؟ قال: قول الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}، قال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت؟ فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد(19).
7- الحذف يفيد تعميم المعنى المناسب (20).
في بعض الآيات يذكر الله تعالى فعلاً من الأفعال، أو ما في معنى الفعل، ثم يحذف متعلقه، فيفيد ذلك تعميم المعنى المناسب للمقام.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {ألهاكم التكاثر} فحذف المتكاثر به؛ ليعم جميع ما يقصد الناس فيه المكاثرة، من الرياسات والأموال والجاه والضيعات والدور والقصور، والأولاد، والعلم الذي يراد به الترفع على الناس لا العمل به.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201)} [سورة الأعراف 7/201]، فهم مبصرون ماذا؟ سكت عن ذلك وحذفه؛ ليفيد أنهم أبصروا من أين جاءهم مس الشيطان، والأمر الذي يكون به التخلص من الذنب، وحقيقة الشيطان وحرصه على إغوائهم، وأنه لا يصلهم منه إلا الشر.
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [سورة البقرة 2/183]، تتقون ماذا؟ حذفه ليفيد كل ما قيل في حكمة الصيام، فتتقون ما حرم عليكم بسبب الصيام، وما حرم عليكم في غير الصيام، وتتقون الأخلاق السيئة، وتقومون بالحقوق الواجبة، وقل ما شئت من الحكم..
8- الإعجاز العلمي وفهم المعنى.
يراد بالإعجاز العلمي الاكتشافات الحديثة في الكون والطب والغذاء ونحو ذلك، وربط هذه الاكتشافات بدلالات النصوص، وتفسير القرآن بها.
ومما لا شك فيه أن المعنى المقصود من كلام الله في كتابه يظهر بدون حاجة إلى هذه المكتشفات، وقد فهم الصحابة ومن بعدهم كتاب الله حق فهمه، وقاموا به على أكمل وجه، ولم يعرفوا مثل هذه الأمور، لكن الناس انقسموا في الإعجاز العلمي إلى ثلاثة فرق:
الفريق الأول: رد ذلك مطلقًا، ولم ير صحة ربط النصوص بهذه الاكتشافات، ولم ينظر إليها نظر اعتبار، ورأى أنها تفسد المعنى؛ لأن الاكتشافات مبنية على الملاحظة والتجرية، وقد تصيب وتخطئ، فربما كان هذا الاكتشاف خطأ فنحمل عليه المعنى في كتاب الله، ثم يتبين خطؤه، فيكون ذلك سببًا في الطعن في القرآن.
الفريق الثاني: اعتمدوا على هذه الاكتشافات والاختراعات اعتمادًا كليًا، وأبطلوا كل ما يخالفها، وجعلوا ذلك دليلاً على إعجاز القرآن، وأنه من عند الله، بل إنهم إذا لم يستطيعوا التوفيق بين المكتشف الحديث، وبين دلالة الآية تأولوا الآية بتأويل بعيد، حتى يتوافق مع ما قرره لهم البحث المعاصر.
الفريق الثالث: توسط في هذا الجانب، ورأى أن الاكتشافات الحديثة إذا صحت فإنها تعين على فهم بعض الآيات، وترشد إلى المعنى المراد مما ذكره أهل العلم قبل ذلك، ولكنهم لا يتعلقون بها تعلق الفريق الثاني، ولا ينكرونها إنكار الفريق الأول، ويستخدمونها سلاحًا للدعوة، ويقولون: إن كان ما دل عليه الاكتشافات الحديثة مما لا يخالف ما فسر أهل العلم به كتاب الله، إما لأنه وجد ما يدل عليه من كلامهم، أو أنه يدل على معنى جديد لا يصادم كلامهم، فهو مقبول، وإن كان يخالف ما فسره به السلف فإنه لا يقبل.
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقًا من بعد خلق في ظلمات ثلاث}؛ فإن العلم الحديث اكتشف هذه الظلمات، وهي موجودة في كتاب الله تعالى.
وقوله تعالى: {أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ (10) جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِ (11)} [سورة ص 38/10-11].
قال الشنقيطي في أضواء البيان(21): "يفهم منه أن لو تستطيع جند من الأحزاب الارتقاء في أسباب السماء، أنه يرجع مهزومًا صاغرًا داخرًا ذليلاً...
ومعلوم أنها لم يفسرها بذلك أحد من العلماء، بل عبارات العلماء تدور على أن الجند المذكور هو الكفار الذين كذبوه صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم سوف يهزمهم، وأن ذلك تحقق يوم بدر، أو يوم فتح مكة، ولكن كتاب الله لا تزال تظهر غرائبه، وعجائبه وغرائبه متجددة على مر الليالي والأيام...، ولا مانع من حمل الآية على ما حملها عليه المفسرون، وما ذكرنا أيضًا أنه يفهم منها؛ لما تقرر عند العلماء من أن الآية إن كانت تحتمل معاني كلها صحيح تعين حملها على الجميع".
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله...
وكتبه: عبد السلام بن إبراهيم بن محمد الحصين.
---------------------------------
(1) رواه الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في ذهاب العلم، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ثِقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ نَحْوُ هَذَا وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ورواه الدارمي في مقدمة سننه، أو مسنده عن أبي الدراداء.
ورواه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب ذهاب القرآن والعلم، وأحمد في المسند عن زياد بن لبيد.
ورواه أحمد في المسند عن عوف بن مالك الأشجعي.
(2) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه، وأبو داود في كتاب الصلاة باب ثواب قراءة القرآن، واللفظ له، وأحمد في المسند.
(3) انظر: الموافقات (4/147- 148).
(4) انظر: القواعد الحسان لابن سعدي القاعدة الرابعة والثلاثون.
(5) تفسير ابن سعدي عند هذه الآية.
(6) رواه ابن جرير في تفسيره (1/57).
(7) انظر: الإتقان في علوم القرآن (3/105).
(
رواه البخاري ومسلم.
(9) انظر: فتح الباري الحديث رقم (6056).
(10) رواه البخاري ومسلم.
(11) إعلام الموقعين (1/87).
(12) رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ما جاء فيمن يفسر القرآن برأيه، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه أحمد في المسند.
(13) انظر: مقدمة ابن تيمية في التفسير، مجموع الفتاوى (13/374).
(14) انظر: فتح الباري، الحديث رقم 7649.
(15) انظر: مقدمة ابن تيمية في التفسير (43).
(16) انظر: تفسير ابن كثير (1/13، تحقيق: الحويني).
(17) رواه الترمذي كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه أحمد.
(18) انظر: أضواء البيان (1/4).
(19) انظر: تفسير ابن جرير (4/31)؛ تفسير ابن كثير (1/246).
(20) انظر: القواعد الحسان، القاعدة 14.
(21) (3/124) في تفسير سورة الحجر.