Ibrahim عضو فعال
عدد الرسائل : 155 العمر : 41 المزاج : ?????????? تاريخ التسجيل : 06/10/2007
| موضوع: الجزء الثانى الخميس نوفمبر 01, 2007 5:21 pm | |
| أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أتحمل بقيةكلامه. وضعت يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت يا سالم !!.. قال: نعم .. نسيتأصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟قال: أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائماً.. قلت: لا .. بل أنا سأذهب بك .. دهش سالم .. لم يصدّق. ظنّ أنّي أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيديوأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيّارة. رفض قائلاً: المسجد قريب... أريد أن أخطو إلىالمسجد - إي والله قال لي ذلك. لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد،لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنواتالماضية. كان المسجد مليئاً بالمصلّين، إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصفالأوّل. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدتأن أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ناولته المصحف ... طلب منّي أنأفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في الفهرس تارة .. حتىوجدتها. أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة ... وعيناه مغمضتان ... يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة!! خجلت من نفسي. أمسكت مصحفاً ... أحسست برعشة في أوصالي... قرأت وقرأت.. دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطعالاحتمال ... فبدأت أبكي كالأطفال. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة ... خجلت منهم فحاولت أن أكتم بكائي. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ... لم أشعر إلا ّبيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عنّي دموعي. إنه سالم !! ضممته إلى صدري... نظرتإليه. قلت في نفسي... لست أنت الأعمى بل أنا الأعمى، حين انسقت وراء فساق يجروننيإلى النار. عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّلإلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم .. من ذلك اليوم لم تفتني صلاةجماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد. ذقتطعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا. لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاةالوتر. ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر. رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتيوسخريتي من النّاس. أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي. اختفت نظرات الخوف والشفقةالتي كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم. من يراهيظنّه ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله كثيراً على نعمه. ذات يوم ... قرر أصحابيالصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة. تردّدت في الذهاب. استخرتالله واستشرت زوجتي. توقعت أنها سترفض... لكن حدث العكس ! فرحت كثيراً، بلشجّعتني. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً. توجهتإلى سالم. أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً... تغيّبت عن البيتثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّثأبنائي. اشتقت إليهم كثيراً ... آآآه كم اشتقت إلى سالم !! تمنّيت سماع صوته... هوالوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت. إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصاليبهم. كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّةهاتفتها فيها. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة. تغيّر صوتها .. قلت لها: أبلغي سلاميلسالم، فقالت: إن شاء الله ... وسكتت... أخيراً عدت إلى المنزل. طرقت الباب. تمنّيت أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره. حملته بين ذراعي وهو يصرخ: بابا .. بابا .. لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلتالبيت. استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. أقبلت إليّ زوجتي ... كان وجههامتغيراً. كأنها تتصنع الفرح. تأمّلتها جيداً ثم سألتها: ما بكِ؟قالت: لاشيء . فجأة تذكّرت سالماً فقلت .. أين سالم ؟خفضت رأسها. لم تجب. سقطتدمعات حارة على خديها... صرخت بها ... سالم! أين سالم ..؟لم أسمع حينهاسوى صوت ابني خالد يقول بلغته: بابا ... ثالم لاح الجنّة ... عند الله... لمتتحمل زوجتي الموقف. أجهشت بالبكاء. كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من الغرفة. عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلىالمستشفى .. فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه ... حين فارقت روحه جسده .. إذا ضاقتعليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا اللهإذا بارتالحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ملاحظه[cاذا كان نشرها سيرهقك فلاتنشرها فلن تستحق اخذ ثوابها لأن ثوابهاعظيممنقول . | |
|