dody عضو جديد
عدد الرسائل : 36 العمر : 43 الموقع : wegdan.mam9.com العمل/الترفيه : كمبيوتر المزاج : الحمد الله تاريخ التسجيل : 03/11/2007
| موضوع: دور المثقف السبت نوفمبر 10, 2007 9:21 am | |
| 6ـ دور المثقف بعد أن وضحنا مفهوم الثقافة بما لا يدع أي مجال للبس والغموض، بات واضحاً كذلك معنى المثقف، فالمثقف هو مظهر الثقافة ومصداقها والمعبر عنها وحاملها وموصلها لسواه. صحيح أن المثقف ليس هو الذي يوجد الثقافة فهي موجودة بدونه، لكن المثقف هو الذي ينقلها من السكون الى الحركة، ومن الخمول إلى النشاط. ولكن ليس هو الموجد لها. وإذا كانت الثقافة الصحيحة السليمة تحتفظ في داخلها بشروط بقائها فماذا يبقى للمثقف من دور؟! وجواب هذا السؤال أن المثقف هو أحد بل أهم شروط ظهور الثقافة، فلا ظهور للثقافة دون مثقف. إن القيم والمفاهيم والمعلومات والعقائد والفلسفات والأخلاق وكل مكونات الثقافة ومقوماتها تبقى صوراً تجريدية ذهنية ما لم تظهر على أرض الواقع وتتجسد في مصاديق مادية عملية. إن الصراع بين الحق والباطل لا يكون الا إذا كان لكل منهما مصاديق، ولابد لكل منهما أن يجد من يحمله ويبشر به ويجعل من نفسه المصداق... المصداق العملي له على أرض الواقع، هذا هو دور المثقف: ـ أن يتمثل ثقافته جيداً فكراً وسلوكاً. ـ أن يعمل جاداً للتبشير بثقافته. ـ أن يدفع عنها عوامل الانهزام الداخلي وعوادي الغزو الخارجي. وانما يدفع المثقف عن ثقافته عوامل الانهزام الداخلي بما سبق أن المحنا إليه من التفاعل الحر مع الثقافات الأخرى، وعدم الانغلاق على محيطه وبيئته، وعدم الخلط بين الثابت من الحقائق والمتغير من التراث والعادات والتقاليد، والتمييز الواضح بين ما هو من الأسس والأركان وما هو من المتممات والمكملات (أي ما هو من هيكل البناء وما هو من الإضافات والديكورات)، والحرص على عدم تخلف الثقافة عن العصر، وعن الفعل فيه فعلاً إيجابيا، والتحرك داخل العصر وعينه على المستقبل الآتي بما يحمل من آمال وتطلعات وبما يحقق من أغراض وأهداف. ويدفع عنها الغزو الخارجي بالتخطيط الدقيق والتكافل والتضامن والتعاون مع أبناء ثقافته أياً كان عرقهم ولونهم ولغتهم. (إن أهمية المثقف إنما تنبثق من أهمية الثقافة نفسها وحاجة المجتمع إليها. ويميز البعض بين مثقف ساكن ومثقف متحرك، الأول لا دور له في مجتمعه والثاني ينهض بدوره في المجتمع، وبين مثقف منغلق ينتج ثقافة الجمود ومثقف منفتح ينتج ثقافة التجديد، الأول يعيش خارج الزمن فمسيرته إلى التوقف والثاني يواكب الزمن ويعيش فيه فمسيرته إلى النمو، ويميز بين مثقف النخبة الذي يعيش بعيداً عن الناس ويتحدث بخطاب القلة أو النخبة فقط ومثقف الجمهور الذي يعايش الناس ويتحدث بخطابهم خطاب الجمهور والكثرة، ويميز بين مثقف مستبد يتحول قلمه إلى رفض الآخر، ولا يتحدث الا بلغة الرفض والنفي والإقصاء ويمارس القمع والإرهاب، ومثقف شوروي (أو ديمقراطي) يتحدث قلمه بلغة التعددية والتعايش والتسامح ويمارس الحرية والعدالة، ويميز بين مثقف السلطة الذي يكرس الاستبداد ويمارس الظلم .ويعشق المال ومثقف الأمة الذي يعشق العلم وينشر العدل ويزرع الحرية ونحن ـ مع من ـ يريد ظهور المثقف المتحرك مع آمال الأمة وتطلعاتها وقيمها ومفاهيمها، المنفتح على كل الثقافات القديمة والمعاصرة، الذي يتبنى الحرية والعدل والشورى ويخاطب جماهير الناس ونخبتهم، كلّا بما يناسبه، ولا يقصر خطابه للنخبة فقط. نريد المثقف الذي يستشعر المسؤولية الخطيرة والجسيمة، فيتمثل دور النبي لا دور الفيلسوف، نريد المثقف الذي ينطلق من جوهر مفهوم الثقافة الذي يفترض فيه التحرك لنشر رسالته الثقافية داخل المجتمع وعلى الصعيد الإنساني العالمي، وتوضيح آفاقها ومنطلقاتها وأهدافها، وترسيخ مفاهيمها الرسالية باللغة التي يفهمونها والتي تحركهم لأنها تتحدث عن قضاياهم ومشاكلهم التي يعانون منها والظروف التي يعيشون تحت أسرها، والآمال التي تراودهم، والأهداف التي تعيش في قلوبهم وأفئدتهم؛ لغة من قد وطد العزم على كسر القيود وفك الأغلال عن الإنسان، ورفع الظلم والحيف والاستبداد، ونشر الأمن والحرية والعدالة في المجتمع الذي يعيش فيه أولاً، وبين الناس كلهم في شتى أرجاء الأرض ثانياً. منقول جريدة النبأ | |
|